ولا كل الشكشوكات
كنت قد اشتقت كثيرًا للأكل من عمل يدي ، وسرعان ما أشمرت يداي ، وتولد بداخلي حماس هائل مهول ، فاتخذت قراري الحازم الحاسم وتوجهت إلى السوق غير مباليًا ، وبكل شجاعة سحبت كيسًا بلاستيكيًا و شرعت في تعبئته بحبات الطماطم الصغيرة المستديرة بل كاملة الاستدارة ، ثم وبكل بهجة تناولت كيسًا آخر ، وكأني أعلنها بيني وبين نفسي - أنا هاخربها النهاردة - ووجدتني أملأ الكيس الآخر بصلًا رأيته مبصولًا ، لا شك أنني سعيد بل في غاية السعادة ، فمنذ زمن بعيد لم أفعل هذا ، وأكتفي بسد رمقي من عمل يد الناس ، ومهما كان الأكل الجاهز لذيذ ، أنت لا تجد نفسك فيه ، أنت هنا متلقي ، و دورك غير مؤثر ، وكأن البائع فضح أمري وأنتم تعلمون أن للبائعين المحترفين نظرة ، فأنا لست زبونًا دائم ، فأمسك بكيس الطماطم و هم بسؤالي : أوزن لك نصف كيلو يا أستاذ ، فأجبت بتعالي وربما بعض الاستنكار : نصف كيلو إيه يا عم هو أنا هاعمل سلطة ، كنت أود لحظتها إخباره بأني سأطبخ ، لكني وفي اللحظات الأخيرة سحبت الكلمة من أطراف شفتاي ، فبدلتها مسرعًا وقلت بملئ الفم : أنا عاوز كيلو ، ثم تكرر مع البصل ما حدث للطماطم ، فارتبت من أمر الرجل ، لكني أمام فرحتي بالطبيخ تركته ولم أبالي ، لكنه باغتني بسؤال غريب أثناء انسحابي من أمامه ، قال : مش عاوز بطاطس ، فلم أفكر كثيرًا لأني أعلم مسبقًا أنها تحتاج لتقشير وغلبة وربما لست جاهز هذه المرة ، فقلت له بغلاسة : خليهالك ، ثم سحبتني قدمي دون أن أقرر إلى بائع البيض ، قلت : أريد أربع بيضات ، فوضعهما لي في كيس ، ثم انصرفت منتشيًا ، يبدو أني في تلك اللحظة اتخذت قرار ، وحسمت الجدل الدائر في رأسي ، سوف أطبخ "شكشوكة" فأنا ماهر جدًا في صنعها ، وهدأت روح "الفأر الطباخ" بداخلي وذهبت للحظة الحاسمة ، وأحضرت أدواتي وجهزت العدة ، وقطعت البصل بيدي وغسلت الطماطم ثم قطعتها قطع صغيرة ثم وضعت قليلًا من الزيت في إناء الطهي ثم بعد أن سمعت صوت "طشطشة" نزلت بالبصل المقطع وكلي بهجة رغم حالة البكاء الشديدة التي تعرضت لها أثناء تقطيع البصل ، وبعد أن هدأت مقلتاي واستتب أمر جيوبي الأنفية بحث عن الملح فوجدته فوضعت القليل منه على الطماطم المقطعة بمهارة ، وزاد توتري وانزعاجي حينما تذكرت أني نسيت أشتري بعض التوابل ، فهي تعطي للأكل نكهة ، وأي نكهة ، لكني قلت لنفسي : ولا يهمك سوف آكلها أيًا كانت النتائج ، فأنا من صنعت ، ثم بعد تقليب البصل والذي منه ، وبعد أن اصفر لونه كالذهب ، بادرت بوضع الطماطم مع قليل من الماء ، ثم قمت بكسر بيضتان من الأربعة ، ولا أدري لماذا فعلت ذلك ولم أكسر الأربعة دفعة واحدة ، لكني كما قلت لكم في جميع الأحوال أنا ضميري مرتاح ولم يلمني لحظة واحدة ، وبعد أن تحول الخليط إلى اللون الأحمر القاني ، نزلت بالبيضتان ، بالطبع بعد تقليبهما ، وبعد لحظات ظهر للنور أجمل وأرقة طبق شكشوكة في التاريخ ، لقد فعلتها ، أنا نجحت ، وشرعت في الأكل ، فإذا بي ألتهم لا آكل ، إنها حقًا لذيذة جدًا جدًا جدًا مما أنساني نقص التوابل ، أكاد أجزم بل وأحلف لكم إنها ليست ككل الشكشوكات التي أكلتها ، لقد فرقعت في هذا الخليط السحري ثلاثة أرغفة كاملين ، وهنا سألت نفسي السؤال الوجودي ، هانطبخ إيه المرة الجاية !؟ .
رائعة ، اقترح عليك كبدة فالمرة القادمة
ردحذفههههه حاضر السمع والطاعة مولاتي وتاج رأسي .
ردحذف