ولا كل "الباميات"

(ولا كل إللي اتقمعت بامية) ما الذي جعلني أفتح الثلاجة تحديدًا في هذا التوقيت؟ هل كانت نداءات البطن أم صرخات الروح؟ لا أدري… لكنني وجدتها هناك، علبة بلاستيكية بغطاء غير محكم، بها باميا يبدو أنها عاشت أكثر مما ينبغي في وحدتها. نظرت إليها نظرة حانية، كأنني أعتذر لها على الإهمال، ثم همست: "أنا آسف، بس هانقذك النهاردة." غسلت وجهي دون نية حقيقية للاستيقاظ، ثم توجهت إلى المطبخ كمن يُنفذ مهمة ثأر قديم. أخرجت البصلة، فرمقتها… هل أبكي عليها أم أبكي بها؟ ثم قطعتها كما تقطع الأيام في دفاتر الذكرى. وضعت الزيت، وانتظرت "الطشطشة" المقدسة،ثم نزلت بالبصل… صوت البصل في الزيت له رهبة، كأنه أول اعتراف في جلسة تحقيق، وبعده الثوم، ثم الطماطم… أيوه الطماطم، صغيرة ومستديرة زي دمعة حزينة نزلت مرة من عيني وأنا بفكر في اللي كان. ثم جاءت اللحظة الفارقة… فتحت كيس الباميا، وقبل أن أنزل بها في القدر، سألت نفسي سؤالًا وجوديًا: "هل الحياة تستحق أن تُطبخ؟ أم تُؤكل نيّة؟" نزلت بالباميا كمن ينزل آخر ورقة في لعبة “كوتشينة” خاسرة، وقلبت الخليط بقلب نصفه في الطبيخ والنصف الآخر في الذكرى. بعد ...